الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي المقصره بتقوى الله، فإنها الزاد في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى في كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا".
أيها المسلمون، حديثنا اليوم عن علامات الساعة الكبرى، تلك الأحداث الجسام التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تدل على قرب قيام الساعة. وهذه العلامات من الغيب الذي أخبرنا به الله ورسوله، لنتعظ ونستعد لذلك اليوم العظيم.
أولاً: ظهور المسيح الدجال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه: ك ف ر". الدجال هو أعظم فتنة في تاريخ البشرية، وسيظهر في آخر الزمان، يدعي الألوهية ويأتي بخوارق العادات، فيتبعه الناس إلا من رحم الله، ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم منه وحثنا على قراءة سورة الكهف يوم الجمعة لتحمينا من فتنته.
ثانياً: نزول عيسى بن مريم عليه السلام. من علامات الساعة الكبرى أن ينزل عيسى بن مريم عليه السلام من السماء، فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد".
ثالثاً: خروج يأجوج ومأجوج. يأجوج ومأجوج أمتان من بني آدم، محبوسون خلف سد بناه ذو القرنين. قال الله تعالى: "حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ". ويخرجون في آخر الزمان بعد نزول عيسى عليه السلام، فيعيثون في الأرض فساداً، فيدعو عيسى عليه السلام ربه فيهلكهم الله.
رابعاً: طلوع الشمس من مغربها. من علامات الساعة الكبرى أن تطلع الشمس من مغربها، وعندها لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً".
خامساً: الدابة. من علامات الساعة الكبرى خروج دابة تكلم الناس. قال الله تعالى: "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ". وهذه الدابة تميز المؤمن من الكافر، وتأتي بعد طلوع الشمس من مغربها.
سادساً: الدخان. من علامات الساعة الكبرى ظهور الدخان. قال الله تعالى: "فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ". هذا الدخان يغشى الناس ويكون عذاباً للمكذبين ونذيراً للمؤمنين.
سابعاً: الخسوفات الثلاثة. وهي خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكون عشر آيات... وذكر منها: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب".
ثامناً: النار التي تخرج من اليمن. من علامات الساعة الكبرى أن تخرج نار من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم".
أيها المؤمنون، هذه بعض علامات الساعة الكبرى التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تدل على قرب قيام الساعة. فعلينا أن نستعد لذلك اليوم العظيم بالإيمان والعمل الصالح، والابتعاد عن الفتن والمعاصي، والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله أن يثبتنا على دينه، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا من عباده الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله الذي لا إله إلا هو، له الحمد وله الشكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد، أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإن التقوى خير زاد. قال الله تعالى: "وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى".
أيها الأحبة في الله، لقد تحدثنا في الخطبة الأولى عن علامات الساعة الكبرى، وكيف أنها تدل على قرب قيام الساعة. فعلينا أن نعتبر ونتعظ ونستعد لذلك اليوم العظيم. ولن يكون لنا ذلك إلا بالإيمان الصادق والعمل الصالح والابتعاد عن الفتن والمعاصي.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.