خطبة الجمعه تحزير موجه النساء

 

الحمد لله الذي أمر بلباس الحياء، ونهى عن التبرج والسفور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر نساء المؤمنين بالحجاب، وجعل ذلك علامة على الطهر والعفاف، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، بيّن للناس طريق الهدى، وحذّر من سبل الغواية والردى.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، وراقبوه في السر والعلن، وكونوا من المتأملين في كلام نبيكم صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.

أيها المسلمون، حديثنا اليوم عن تحذير نبوي عظيم، موجّه لنساء هذه الأمة، يحذرهن من صفات تؤدي إلى النار، ويأمرهن بالتوبة قبل أن يفوت الأوان. حديث يهز القلوب، وتخشع له النفوس، حديث رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"صِنفَانِ من أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَومٌ معهم سِيَاطٌ كأذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بهَا النَّاسَ، ونِساءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المَائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ ولا يَجِدْنَ رِيحَهَا..."

يا لها من كلمات ثقيلة، وتحذير صريح! نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول عن هؤلاء النساء: "لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها"، مع أن ريح الجنة ليوجد من مسيرة كذا وكذا!

فمن هن هؤلاء النسوة؟ وما معنى أوصافهن؟ وما الذي أوصلهن إلى هذا المصير؟

أولًا: "كاسيات عاريات"

معناه: تلبس المرأة ثوبًا، لكنه لا يسترها، إما لأنه ضيق يُظهر مفاتن الجسد، أو شفاف يُظهر البشرة، أو قصير لا يغطي العورة. فهي كاسية بالاسم، لكنها في الحقيقة عارية.

ثانيًا: "مائلات مميلات"

قيل: مائلات عن طاعة الله، مميلات لغيرهن بالفتنة والفساد.

وقيل: يمشين متبخترات، يُميلن قلوب الرجال، ويُفتنّهم بزينتهن.

ثالثًا: "رؤوسهن كأسنمة البخت"

يعني: يضفن على رؤوسهن زينة أو لفائف أو رفعات تُشبه سنام الجمل، ترفع شعرها وتُبرزه في هيئة فاضحة للعيان. وهذا مما أصبحنا نراه في زماننا في بعض التسريحات والتصرفات.

أفبعد هذا الوصف الواضح نتهاون؟ أَلا نخشى من أن نكون – أو تكون نساؤنا – من هذا الصنف؟

أيها المؤمنون، ليست الخطورة في مجرد اللباس، بل في كون ذلك تعبيرًا عن ترك الحياء، واتباع الهوى، والتشبه بالكافرات أو الفاسقات.

إن المرأة المسلمة ليست رقماً في عالم الموضة، وليست سلعة تُعرض في الشوارع، بل هي جوهرة مصونة، عزيزة مكرّمة، مكانها الستر، وعنوانها الحياء.

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد:

عباد الله، هذا الحديث العظيم ليس للتخويف فحسب، بل للتصحيح والبصيرة. إنه دعوة للرجوع إلى منهج الإسلام في الحياء والعفاف.

أيها الآباء والأزواج والإخوة:

عليكم مسؤولية عظيمة في توجيه النساء، وتعليمهن الحجاب الصحيح، والنهي عن كل مظهر من مظاهر التبرج.

قال الله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْـمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 59]

فما هو الجلباب؟ هو الثوب الفضفاض الواسع الذي يغطي الجسد كله، لا يصف، ولا يشف، ولا يُلفت الأنظار.

عباد الله، المرأة إن صلحت، صلح المجتمع، وإن فسدت، تفكّكت القيم.

المرأة التقيّة هي التي تعين زوجها على الطاعة، وتربي أبناءها على الإيمان، وتخاف الله في خلواتها.

أيتها النساء المؤمنات:

احذرن من التهاون بالحجاب، ومن متابعة أهل الفنّ والتبرج في اللباس والتقليد.

كوني قدوة في بيتك، وفي مجتمعك، واذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم:

"الحياء شعبة من الإيمان"

واذكري قول النبي أيضًا:

"الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة"

رسائل ختامية في نهاية الخطبة

للنساء: الحجاب شرف لكِ، لا عبء عليكِ. فكوني من المتقين، لا من الكاسيات العاريات.

للرجال: رفقًا بنسائكم، واغرسوا فيهن الخوف من الله، والتأسي بأمهات المؤمنين.

للأمة كلها: نريد نساء كفاطمة وخديجة وعائشة، لا كفنانات الموضة وزيف الشاشات.

اللهم ارزق نساء المسلمين الستر والعفاف، والحياء والإيمان، واهد شباب المسلمين وشيبهم، ووفقنا لما تحب وترضى.

اللهم لا تجعل فينا ولا في ذرياتنا من أهل النار، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وصلّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


خطبة الجمعه عن الجنه

 

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.


أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنها زاد المؤمنين وسبيل الفوز في الدنيا والآخرة. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.


أيها الأحبة في الله، حديثنا اليوم عن الجنة، دار النعيم الأبدي، التي أعدها الله لعباده المتقين. الجنة هي دار السعادة والخلود، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. هي دار النعيم التي لا يشوبها نقص ولا كدر، وهي الجزاء الأوفى لمن آمن وعمل صالحًا.

يقول الله تعالى في وصف الجنة: {فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}. ويقول أيضا: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ، وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا، وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ، وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

أيها الإخوة، إن الجنة درجات، وأعلاها الفردوس الأعلى، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة". والجنة مليئة بالنعيم الذي لا يمكن وصفه، فهي دار الخلود، حيث لا موت ولا مرض، ولا حزن ولا هم.

يقول الله سبحانه وتعالى: {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ}. ويقول أيضا: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ، كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ، يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ، لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ، فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.

أيها المسلمون، لندرك أن سبل الوصول إلى الجنة متعددة، ومن أهمها:


1.الإيمان بالله والعمل الصالح: يقول الله تعالى: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ، وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.


2.التقوى والخشية من الله: يقول الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.


3.الصبر على الطاعات والابتعاد عن المعاصي: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "حُفَّت الجنة بالمكاره وحُفَّت النار بالشهوات".


4.الاستقامة على دين الله: يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.


5.الإخلاص في العمل: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".


6.الابتعاد عن المعاصي والذنوب: يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}.


أيها الأحبة، لنسعى جميعاً لبلوغ الجنة ونيل رضا الله، وذلك بأن نحرص على طاعته واجتناب معاصيه، وأن نكون من أهل التقوى والإحسان، وأن نستغفر الله ونتوب إليه في كل وقت وحين.


أسأل الله لي ولكم أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يرزقنا الفردوس الأعلى بغير حساب، وأن يثبتنا على دينه حتى نلقاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


خطبة الجمعه عن البرزخ


الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، وهو العزيز الغفور، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فأوصيكم ونفسي المقصّرة بتقوى الله عزّ وجل، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى:

﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

عباد الله، حديثنا اليوم عن مرحلة من مراحل الآخرة، مرحلة تفصل بين الدنيا والآخرة، ولا بد لكل واحد منا أن يمر بها، إنها مرحلة "البرزخ".

ما هو البرزخ؟

البرزخ في اللغة هو الحاجز والفاصل بين شيئين، وفي الاصطلاح: هو العالم الذي ينتقل إليه الإنسان بعد موته إلى أن يُبعث يوم القيامة. قال الله تعالى:

﴿ وَمِن وَرَائِهِم بَرزَخٌ إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 100].

أي: من بعد موتهم إلى بعثهم، هناك برزخ، عالم غير محسوس لنا، ولكنه موجود، لا يُدرك بالحواس، وإنما يُعلم بخبر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

البرزخ: بداية الجزاء

الناس في البرزخ إما في نعيم، وإما في عذاب، بحسب عملهم في الدنيا، فقد ثبت في الحديث أن الميت إذا وُضع في قبره، وأُتي إليه الملكان، وسُئل عن ربه ودينه ونبيه، فإن كان من أهل الإيمان، أجاب، فيُقال له:

"نم نومة العروس، لا يوقظه إلا أحب أهله إليه".

وإن كان من أهل الشك والضلال، يُضرب بمطارق حتى يصرخ صرخة يسمعها من حوله إلا الثقلان.

قال النبي ﷺ في الحديث الذي رواه مسلم:

"إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة، فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار، فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة".

فالقبر، يا عباد الله، إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، وما بين الموت والبعث ليس فترة نوم أو غفلة، بل هي مرحلة إدراك ووعي، ولكن لا نعلم كنهها، فالميت يسمع ويشعر، ولكن ليس كإحساسنا نحن.

حال المؤمن في البرزخ

المؤمن يفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من ريحها وطيبها، ويوسع له قبره مد البصر، ويأتيه رجل حسن الوجه والريح، فيقول له: "أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد"، فيقول: "من أنت؟" فيرد: "أنا عملك الصالح".

أما الكافر أو المنافق، فيأتيه من العذاب، ويُضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه والريح، فيقول له: "أنا عملك الخبيث".

عباد الله، تأملوا: من عمله الصالح يكون له أنيسًا، ومن كان عمله سيئًا، فهو عدوّه في قبره!

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

لماذا نتحدث عن البرزخ؟

لأن الاستعداد له ضرورة حتمية، فكل نفس ذائقة الموت، وكل من على هذه الأرض إلى زوال، والموت لا يفرق بين كبير وصغير، ولا غني وفقير، وقد قال الله تعالى:

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185].

ويقول ﷺ:

"أكثروا من ذكر هادم اللذات، الموت" [رواه الترمذي وحسنه].

ذكر الموت، والبرزخ، يجعل القلب يفيق من غفلته، ويستعد للقاء الله، ويحرص على الطاعات، ويبتعد عن المعاصي.

أعمال تنفع في البرزخ

يا عباد الله، إذا كان البرزخ أول منازل الآخرة، فإنّ الاستعداد له يكون في الدنيا، وذلك بالأعمال الصالحة، ومن أعظمها:

الصلاة: فهي أول ما يُحاسب عليه العبد.

القرآن: يأتي شفيعًا لأهله.

الصدقة: تظل صاحبها يوم القيامة.

الذكر والاستغفار: يُنير القبر.

الدعاء بالموت على الإيمان والثبات.

الدعاء للميت وأثره

ولا ننسى أن الميت في البرزخ ينتفع بدعاء الحي، كما في الحديث:

"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... وولد صالح يدعو له" [رواه مسلم].

فلنكثر من الدعاء لأمواتنا، فإنهم في أمسّ الحاجة له، ولنتصدق عنهم، ولنبرّهم بعد موتهم بزيارة قبورهم، وصلة أرحامهم، وتنفيذ وصاياهم.

ختامًا

يا عباد الله، إن البرزخ باب، إما إلى نعيم مقيم، أو عذاب أليم، ونحن اليوم في دار العمل، وغدًا في دار الجزاء. فلنستعد لهذا اللقاء العظيم، ولنحاسب أنفسنا قبل أن نُحاسب.

نسأل الله أن يجعل قبورنا وقبور والدينا وأحبابنا روضاتٍ من رياض الجنة، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يجعل خير أيامنا يوم نلقاه، ولا يجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا.

اللهم اجعلنا ممن استعدّ للقائك، وعمل لما بعد الموت، ونسألك حسن الخاتمة، وحسن المآب.

وصلّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


خطبة الجمعه انتظار الميت في القبر


الحمد لله الذي كتب الموت على خلقه، ورفع بالموت أقوامًا وخفض به آخرين، وجعل القبر أول منازل الآخرة، فمن نجا منه فهو لما بعده أنجى، ومن لم ينجُ منه فهو لما بعده أشد.

أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من عذاب السعير.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسلَه اللهُ بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، فبلّغ الرسالة وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

أما بعد، عباد الله:

أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال سبحانه:

﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

أيها الإخوة المؤمنون،

حديثنا اليوم عن منزلة عظيمة، ومقام مهول، عن مرحلة ما بعد الموت، عن اللحظة التي يودع فيها المرء هذه الدنيا، وينتقل إلى حياة البرزخ، حيث ينتظر الميت في قبره يوم البعث والنشور، هناك حيث لا مال ولا بنون، ولا جاه ولا سلطان، إنما العمل الصالح أو الطالح.

قال رسول الله ﷺ:

"إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجُ منه فما بعده أشد منه" [رواه الترمذي].

القبر، أيها المسلمون، ليس فقط حفرة يُوضع فيها الجسد، بل هو إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.

وقد أخبر النبي ﷺ في حديث البراء بن عازب الطويل عن حال الميت المؤمن والكافر في قبره، وكيف يُفتن، وما يُقال له، وكيف يُضيَّق عليه القبر أو يُفسح، وكيف تأتيه ريح الجنة أو سموم النار، كلٌ بحسب عمله.

حال المؤمن في القبر

إذا مات المؤمن الصادق، نزلت عليه ملائكة الرحمة بيض الوجوه، يحملون كفنًا من أكفان الجنة، وحنوطًا من حنوط الجنة، فيُبشَّر بالرحمة والمغفرة، ويُقال له:

"يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية" [الفجر: 27-28].

ثم يُدفن، ويُسأل:

"من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟"

فيجيب بكل ثبات: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد ﷺ.

فيُقال له:

"نم نومة العروس"، ويُفسح له في قبره مدّ بصره، ويُرى مقعده من الجنة، ويأتيه من روحها ونعيمها.

وينتظر الميت المؤمن في قبره مرتاحًا مطمئنًا، لا يشعر بطول الزمان، يُضيء له قبره، ويرى النعيم المقيم، ويُقال له:

"ربك قد رضي عنك"، فيقول: "رب أقم الساعة، رب أقم الساعة"، شوقًا إلى لقاء الله ونعيم الجنة.

حال الكافر أو العاصي في القبر

وأما الكافر أو المنافق أو العاصي، فينزل عليه ملائكة العذاب سود الوجوه، ويُبشَّر بسوء المصير، فإذا دُفن وسُئل:

"من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟"

فيقول: هاه هاه لا أدري، فيُضرب بمطارق من حديد، ويُفتح له باب إلى النار، ويأتيه من حرّها وسمومها، ويُضيق عليه القبر حتى تختلف أضلاعه.

وينتظر هذا الميت في عذاب القبر إلى يوم البعث، وهو في همٍّ دائم، وضيق مستمر، لا يُدرك مرور الزمان، لكن يشعر بالألم والعذاب، ويُقال له:

"لا بشّرك الله بخير"، والعياذ بالله.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي كتب على كل نفس الموت، وجعل القبر أول منازل الآخرة، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فيا عباد الله،

تأملوا كيف يكون الانتظار في القبر، إما راحة وسرور وطمأنينة، أو همّ وعذاب وجحيم. تأملوا قول الله:

﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ﴾ [غافر: 46]

هذا قبل يوم القيامة، في البرزخ، وهم يُعرضون على النار صباحًا ومساءً!

وقد جاء في صحيح البخاري أن النبي ﷺ قال:

"إذا مات أحدكم عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فالجنة، وإن كان من أهل النار فالنار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة".

أيها الإخوة:

إن الميت في قبره ينتظر البعث على حاله، لا تتبدل حاله، فهو إما في نعيم مستمر، أو عذاب متواصل، لا يتحول عنه حتى تقوم الساعة.

ولذلك كان السلف الصالح يخافون من القبر أشد من خوفهم من يوم القيامة، لأنهم يعلمون أن القبر هو أول المراحل، ومن صلح حاله فيه فهو لما بعده أسهل.

قال عثمان بن عفان رضي الله عنه:

"لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيهما أصير، لاخترت أن أكون رمادًا قبل أن أعلم إلى أين مصيري"، وكان إذا وقف على القبر بكى حتى تبتل لحيته.

فما الواجب علينا؟

أن نُكثر من الأعمال الصالحة، فهي الزاد في القبر.

أن نبتعد عن المعاصي، فهي سبب العذاب في القبر.

أن نُداوم على الدعاء: 

"اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر"، فقد كان النبي ﷺ يتعوذ منه في كل صلاة.

أن نُكثر من ذكر الموت، وزيارة القبور، فإنها تُرقق القلوب وتُذكّر بالآخرة.

أن نُصلح علاقتنا بالله وبالناس، فالحقوق تُسأل عنها بعد الموت.

خاتمة

أيها الأحبة،

إن الموت حق، والقبر حق، والبعث حق، وعلينا أن نُعدّ لهذا المصير، فإن القبر باب، وما بعده أعظم، فلنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب، ولنستعد للسؤال قبل أن يُغلق علينا التراب ويُهال.

اللهم اجعل قبورنا روضات من رياض الجنة، ولا تجعلها حفرًا من حفر النيران،

اللهم ثبّتنا عند السؤال، وأنر قبورنا بنور القرآن، وارزقنا حسن الخاتمة، وراحةً في البرزخ، ومقامًا كريمًا يوم القيامة.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وأقم الصلاة.



خطبة الجمعه عن ابوب الجنه ال، 8

 الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

أما بعد، عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإن تقوى الله خير زاد ليوم المعاد، قال الله تعالى في كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا".

أيها المؤمنون، حديثنا اليوم عن أبواب الجنة الثمانية، تلك الأبواب التي أعدها الله لعباده المؤمنين، لتكون مداخل إلى دار النعيم الأبدي. الجنة، دار السلام والخلود، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قال الله تعالى: "وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ".

الأبواب الثمانية للجنة، كما ورد في الحديث الشريف، هي رحمة من الله لعباده، ولكل باب منها خصائصه وطبيعته، وكل باب منها مخصص لفئة معينة من المؤمنين. في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ". (رواه البخاري ومسلم).

فلنستعرض هذه الأبواب الثمانية:

1. باب الصلاة: وهو الباب الذي يدخل منه المصلون المحافظون على صلاتهم، الذين أقاموا الصلاة وأدوا حقها. الصلاة هي عمود الدين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة. قال الله تعالى: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ".

2.باب الجهاد: وهو الباب الذي يدخل منه المجاهدون في سبيل الله، الذين بذلوا أنفسهم وأموالهم لنصرة دين الله. الجهاد ذروة سنام الإسلام، وهو دفاع عن الدين والأمة.

3.باب الريان: وهو الباب الذي يدخل منه الصائمون، الذين صاموا رمضان إيماناً واحتساباً. الصوم عبادة خفية بين العبد وربه، وفيه تدريب على الصبر والتقوى.

4.باب الصدقة: وهو الباب الذي يدخل منه المتصدقون، الذين أنفقوا أموالهم في سبيل الله، وساعدوا الفقراء والمحتاجين. قال الله تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ".

5.باب الحج والعمرة: وهو الباب الذي يدخل منه الذين حجوا واعتمروا، وأدوا مناسك الحج والعمرة بإخلاص واتباع للسنة. الحج ركن من أركان الإسلام، وهو مغفرة للذنوب وتجديد للعهد مع الله.

6.باب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس: وهو الباب الذي يدخل منه الذين كظموا غيظهم وعفوا عن الناس. قال الله تعالى: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ".

7.باب التوبة: وهو الباب الذي يدخل منه التائبون، الذين رجعوا إلى الله بعد أن أذنبوا، فتاب الله عليهم. قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ".

8.باب الذكر: وهو الباب الذي يدخل منه الذاكرون الله كثيراً. الذكر هو حياة القلوب، وهو طريق إلى الاطمئنان والسكينة. قال الله تعالى: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".

أيها المؤمنون، هذه هي الأبواب الثمانية التي أعدها الله لعباده المؤمنين، فهي دعوة لنا جميعاً لنكون من أهل هذه الأبواب، لنحرص على الصلاة، ولنكون من المجاهدين في سبيل الله بأموالنا وأنفسنا، ولنصم رمضان ونكثر من الصدقة، ولنسعى إلى الحج والعمرة، ولنحرص على كظم الغيظ والعفو عن الناس، ولنكن من التائبين الذاكرين الله كثيراً.

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يفتح لنا أبوابها، وأن يرزقنا الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. آمين يا رب العالمين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اجعلنا من أهل الجنة، واغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار.

أيها المسلمون، إن الحديث عن أبواب الجنة الثمانية يذكرنا برحمة الله الواسعة وبفضله العظيم، فلكل منا فرصة لدخول الجنة من أي باب شاء، بشرط أن يعمل بما يرضي الله ويجتهد في طاعته.

اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه،

 اللهم اجعلنا من الذين تفتح لهم أبواب الجنة،

 اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين، 

اللهم اجعلنا من الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،

 اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى،

 اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، برحمتك يا أرحم الراحمين.

سبحانك

 اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

وأقم الصلاة.


خطبة الجمعه عن علامات الساعه الكبري

 


الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد، أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي المقصره بتقوى الله، فإنها الزاد في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى في كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا".


أيها المسلمون، حديثنا اليوم عن علامات الساعة الكبرى، تلك الأحداث الجسام التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تدل على قرب قيام الساعة. وهذه العلامات من الغيب الذي أخبرنا به الله ورسوله، لنتعظ ونستعد لذلك اليوم العظيم.


أولاً: ظهور المسيح الدجال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه: ك ف ر". الدجال هو أعظم فتنة في تاريخ البشرية، وسيظهر في آخر الزمان، يدعي الألوهية ويأتي بخوارق العادات، فيتبعه الناس إلا من رحم الله، ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم منه وحثنا على قراءة سورة الكهف يوم الجمعة لتحمينا من فتنته.


ثانياً: نزول عيسى بن مريم عليه السلام. من علامات الساعة الكبرى أن ينزل عيسى بن مريم عليه السلام من السماء، فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد".


ثالثاً: خروج يأجوج ومأجوج. يأجوج ومأجوج أمتان من بني آدم، محبوسون خلف سد بناه ذو القرنين. قال الله تعالى: "حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ". ويخرجون في آخر الزمان بعد نزول عيسى عليه السلام، فيعيثون في الأرض فساداً، فيدعو عيسى عليه السلام ربه فيهلكهم الله.


رابعاً: طلوع الشمس من مغربها. من علامات الساعة الكبرى أن تطلع الشمس من مغربها، وعندها لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً".


خامساً: الدابة. من علامات الساعة الكبرى خروج دابة تكلم الناس. قال الله تعالى: "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ". وهذه الدابة تميز المؤمن من الكافر، وتأتي بعد طلوع الشمس من مغربها.


سادساً: الدخان. من علامات الساعة الكبرى ظهور الدخان. قال الله تعالى: "فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ". هذا الدخان يغشى الناس ويكون عذاباً للمكذبين ونذيراً للمؤمنين.


سابعاً: الخسوفات الثلاثة. وهي خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكون عشر آيات... وذكر منها: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب".


ثامناً: النار التي تخرج من اليمن. من علامات الساعة الكبرى أن تخرج نار من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم".


أيها المؤمنون، هذه بعض علامات الساعة الكبرى التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تدل على قرب قيام الساعة. فعلينا أن نستعد لذلك اليوم العظيم بالإيمان والعمل الصالح، والابتعاد عن الفتن والمعاصي، والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.


نسأل الله أن يثبتنا على دينه، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا من عباده الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.


أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الحمد لله الذي لا إله إلا هو، له الحمد وله الشكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.


أما بعد، أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإن التقوى خير زاد. قال الله تعالى: "وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى".


أيها الأحبة في الله، لقد تحدثنا في الخطبة الأولى عن علامات الساعة الكبرى، وكيف أنها تدل على قرب قيام الساعة. فعلينا أن نعتبر ونتعظ ونستعد لذلك اليوم العظيم. ولن يكون لنا ذلك إلا بالإيمان الصادق والعمل الصالح والابتعاد عن الفتن والمعاصي.


اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.


اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.


دعاء عفوك ورضاك 🤲

 اللهم يا رحمن يا رحيم

 يا غفور يا ودود

 نسألك بعفوك ورضاك

 أن تغفر لنا ذنوبنا

 وتستر عيوبنا

 وتطهر قلوبنا

 وتشرح صدورنا

 وتيسر أمورنا

 وتحسن خاتمتنا


 اللهم إنا نسألك عفوك ورضاك

 فإنك أنت العفو الكريم

 تحب العفو فاعف عنا


 اللهم اجعلنا من عبادك الذين رضيت عنهم

 وكتبت لهم السعادة في الدنيا والآخرة


 اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

 واهدنا صراطك المستقيم

 صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين


اللهم إنا نسألك رضاك والجنة

 ونعوذ بك من سخطك والنار


 اللهم ارض عنا وعن

 والدينا وأهلينا

 وذرياتنا

 واغفر لنا ولهم

 وللمسلمين والمسلمات

 الأحياء منهم والأموات


 اللهم لا تجعل لنا ذنبًا إلا غفرته

 ولا همًا إلا فرجته

 ولا حاجة من حوائج

 الدنيا والآخرة إلا

 قضيتها لنا برحمتك

 يا أرحم الراحمين


اللهم ارزقنا التوبة النصوح

 وثبتنا عليها حتى نلقاك

 وأنت راضٍ عنا


 اللهم اجعلنا من الذين قلت فيهم: رضي الله عنهم ورضوا عنه"

 وأكرمنا بلذة النظر

 إلى وجهك الكريم

 واجعلنا من أهل

 الفردوس الأعلى


 اللهم اجعلنا من الذين

 يستظلون بظل عرشك

 يوم لا ظل إلا ظلك

 واغفر لنا ما قدمنا 

وما أخرنا

 وما أسررنا وما أعلنا

 وما أنت أعلم به منا


اللهم يا مقلب القلوب

 ثبت قلوبنا على دينك

 ويا مصرف الأبصار

 صرف أبصارنا عن الحرام

 واهدنا واهد بنا

 واجعلنا سببًا 

لمن اهتدى

 وارزقنا حبك وحب 

من يحبك

 وحب كل عمل يقربنا

 إلى حبك

 اللهم آمين. 

تحياتي للجميع خدمات جمال محمود